• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | أسرة   تربية   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحليل محتوى المواقع الإلكترونية لحوادث انتشار ...
    عباس سبتي
  •  
    طلب طلاق وشكوى عجيبة
    الداعية عبدالعزيز بن صالح الكنهل
  •  
    المحطة العاشرة: مقومات الإيجابية
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    أنماط التعليم الإلكتروني من حيث التدرج في ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    وصية امرأة لابنتها في زفافها
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    المحطة التاسعة: العادات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    الشباب بين الطموح والواقع: كيف يواجه الجيل الجديد ...
    محمود مصطفى الحاج
  •  
    هبة فيها النجاة!
    أ. رضا الجنيدي
  •  
    بركة الزوج الصالح على الزوجة في رفع درجتها في ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    تربية الأطفال في ضوء توجيهات سورة الحجرات
    محمد عباس محمد عرابي
  •  
    السلاسل الحقيقية لا ترى!
    أمين محمد عبدالرحمن
  •  
    تطوير العلاقات الإنسانية في الإسلام
    يوسف بن طه السعيد
  •  
    المحطة الثامنة: القرارات
    أسامة سيد محمد زكي
  •  
    التربية بالقدوة: النبي صلى الله عليه السلام
    محمد أبو عطية
  •  
    مهن في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم
    نجاح عبدالقادر سرور
  •  
    تزكية النفس: مفهومها ووسائلها في ضوء الكتاب ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
شبكة الألوكة / مجتمع وإصلاح / أسرة / حوارات وتحقيقات
علامة باركود

حوار شبكة الألوكة مع د. معاذ حوّى حول "المرأة" (1/3)

لبنى شرف

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/7/2009 ميلادي - 4/8/1430 هجري

الزيارات: 12903

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قضايا وأمور كثيرة تُثار حول المرأة في عصرنا، كحريَّة المرأة وحقوقها ومساواتها التَّامة بالرَّجُل، وغيرها من القضايا الاجتماعيَّة والحياتيَّة والفكريَّة، وحوارنا التَّالي مع فضيلة الشيخ د.معاذ حوّى يتضمَّن مناقشة بعض هذه القضايا والأفكار المعاصرة.

يسرُّنا بدايةً أن نرحِّب بفضيلة الشَّيخ د.معاذ سعيد حوّى، إمام مسجد الأوَّابين في مدينة عمَّان، والحاصل على درجة الدكتوراه في الفِقْه وأصوله من الجامعة الأردنيَّة، والمدرس في عددٍ من المراكِز العلميَّة والقرآنيَّة في الأردن.

س1: لا يَخفى على مَن قرأ التَّاريخ أنَّ الإسلام منع احتِقار المرأة واستغلالَها، وجعلها في رُتْبة الرَّجُل في إنسانيَّتها، وأعْطاها مكانة عظيمةً وحقوقًا كثيرة، فهل لحضرتك أن تبيِّن لنا أهمَّ ما ميَّز الإسلام به المرأة وما أعطاها من مكانة؟

بسم الله الرَّحمن الرحيم، والحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على رسولِ الله، وآلِه وصحْبِه أجمعين.
السَّلام عليْكم ورحمة الله وبركاته.

وبعد:
تُحاول كثيرٌ من بنات المسلمين تقليد المرأة الغربيَّة؛ لما تشعر به من عقْدة النقص، حيث ترى واقع المسلمين فيه من الضعف والتخلُّف ما فيه، وإذا أرادت أن تهرُب من مشكلة فإنَّها وقعت في مشكلة أخرى أكبر منها، حيث ظنَّت أنَّ في أفكار البشريَّة ما هو خير لها ممَّا شرع الله لها، وظنَّت أنَّ في مظاهر الحريَّة والتفلُّت والتعرِّي سبيلاً للحفاظ على حقوقها وحماية شخصيتها، وما علمت أنَّها تجعل من نفسِها سلعة حيوانيَّة لأهل الشَّهوات، الَّذين لا يروْن من حرِّيَّة المرأة إلاَّ أن تكون على حالٍ يَستطيعون اقتناصَها فيه.

وتَجهل كثيرٌ من بناتنا أنَّ كثيرًا من الضَّعف الذي نَعيشه ليس هو بسبَب ديننا، وإنَّما بسبب إجرام الَّذين تقْتدي بهم من الغربيِّين، الَّذين استعمروا البلاد وأخذوا خيراتِها، وغيَّروا ثقافتَها وقيَّدوا حكَّامها، وفرضوا عليْنا حالة الضَّعف، ومنعونا من الاستفادة من طاقاتنا في أي نوع من أنواع الحضارة، وأسباب المجد والتحرُّر والصَّلاح، ومنعونا من تطبيق شريعتِنا كما هي.

لقد أعطى الله - تعالى - في شريعة الإسلام المرأةَ حرِّيَّتها، وأَكْبَرَ شخصيتَها، واخْتار لها وظيفةً حياتيَّة تكمل وظيفة الرَّجُل ولا تقل أهمِّيَّة عنه، وهيَّأ لها من الظُّروف من خلال تشْريعاته ما تؤدِّي به تلك الوظيفة، وخلق فيها من الطَّبائع والعواطف والقُدُرات ما يتناسب مع وظيفتِها التي خلقها لها.

أعطى الإسلام للمرأة حريَّتها اللائقة بها وبالمجتمع، وأكرمها، وعدل بينها وبين الرَّجُل، فقرَّر إنسانيتها؛ {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} [الحجرات: 13]، وسوَّى بين الرَّجُل والمرأة في التَّكليف: {مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، وجعل المرأة نفسًا محترمة؛ {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ} [المائدة: 45]، فالرَّجُل يُقتَل بالمرأة إذا قتلها عمدًا وعدْوانًا.

وأمر الزَّوج بِحسن المعاملة لها، وإعطائِها حقَّها من حُسْن الخلق والكلِمة وقضاء حاجتها؛ {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، فليْس الأصلُ العداوةَ بين الزَّوجين، وبين الرِّجال والنساء، بل الأصْل التَّعاون والتَّكامل والإحسان، وليس الأصل سوء الخلُق والترفُّع والتكبُّر، بل المطلوب التَّواضع وحسن الخلق وجَمال المعاملة والكلام الطيب، مع أمْر الله العام الذي يشمل معاملة الرَّجل لغيره والمرأة لغيرها؛ {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي القُرْبَى} [النحل: 90]، فأمرنا بأن نعطي كلَّ ذي حقٍّ حقَّه وذلك العدل، وأمرنا معه بالإحسان بأن نُعْطِيه فوق حقِّه.

وأمر النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أن يُعامل الرَّجُل نساءَه كما يعامل نفسَه، فقال: ((أَطعِموهنَّ ممَّا تطعمون، واكسوهنَّ ممَّا تكسون))، ونَهى عن شتمهن وسبابهن: ((ولا تقبِّحوهنَّ))، وأمرنا أن نعاملهنَّ بالإحسان زيادة على حقِّها المعروف: ((استوْصوا بالنِّساء خيرًا))، بل جعل علامة خيريَّة الرَّجُل أن يكون خيرًا مع أهلِه وزوجتِه: ((خيارُكم خيرُكم لأهله)).

وأمرنا الله بأن نَعْتني بتربية الأهل، ذكورًا وإناثًا، زوْجة وأبناءً، وآباءً وأمَّهاتٍ، وتعليمهم؛ ليكون ذلك سببًا في نجاتهم وفلاحِهم في الآخرة؛ {قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً} [التحريم: 6]، وجعل الله - تعالى - الدفاع عن الأهل والمرأة والزَّوجة واجبًا، ومَن قُتل وهو يدافع عنهم فهو شهيد؛ إكبارًا لمهمَّته في حفظ أهلِه وحِمايتهم والدِّفاع عنهم، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن قُتِل دون أهلِه فهو شهيد)).

وجعل الإسلام للمرأة شخصيَّتها الماليَّة المنفصِلة المستقلَّة، فهي تتملَّك كالرجال، ولها حقّ الهبة والتبايُع، وسائر المعاملات الماليَّة كالرِّجال، وأعطى المرأة حقَّ الميراث وفْق نظام ربَّاني حكيم، قد يكون للمرْأة فيه نصيبٌ أعْلى من نصيبِ الرَّجُل، وقد يكون أقلّ في بعض الحالات، وفْق نظامٍ يتناسبُ مع التَّشريعات الأُخْرى في هذا الدِّين، من كوْن المرْأة لا يَجب عليْها الإنفاق على غيرِها؛ بل يجب على غيرِها أن ينفق عليها، زوجًا أو أبًا أو ابنًا أو غيرهم، ولم يَجب عليْها الإنفاق؛ ليتناسب ذلك مع وظائفِها التي خلقها الله لها.

ومنع الإسلام إجْبار البنت والشابَّة بكرًا كانت أم ثيِّبًا على التزوُّج ممَّن تكره وممن لا ترضاه، فأمر - عليه الصَّلاة والسَّلام - أن تُستأمر الأيِّم – أي: الثيِّب - وأن تُستأْذن البِكْر، ويكفي سكوتُها علامة على رضاها، لكنَّها إن اعترضت فلها ذلك، وليْس لوليِّها أن يزوِّجها جبرًا عنْها، وإذا زوَّجها وليُّها بغير رضاها فقد جعل لها الحقَّ أن ترفع أمْرَها إلى القاضي فيبطل نكاحها.

وأمَّا إعطاء القوامة للرجُل في البيت فهو أمر إداري ترْتيبي، لا يعْني التسلُّط والاستِبداد والقهْر لأهل البيت، وإنَّما هو تكليف ليقوم بِحاجات البيْت.

س2: الحريَّات التي جعلها الإسلام للمرأة، والقيود التي جعلها عليها، ما هو المقياس الموضوعي في اعتِبارها سليمة ومحقّقة لمصلحة المرأة ومصلحة الإنسانيَّة والبشريَّة؟

قبل أن ننظر إلى الواقع ونحاكمه عقليًّا ومنطقيًّا، هل أعطى المرْأة حريَّتها حقًّا؟ وهل حقَّق مصالحها؟ وهل كانت حريَّاتها لصالح المجتمع أم لا؟

قبل أن ننظُر إلى ذلك عليْنا أن ننظُر نظرًا عقليًّا منطقيًّا هو أهم من هذا وأوْلى، وهو أنَّ القاعدة المنطقيَّة التي قامت عليْها دعوات الحريَّة في العالم كلِّه تقول: مَن يَملك الشَّيء هو أحقُّ بالتصرُّف فيه، وهو حرٌّ فيه، وبناءً على ذلك قالوا: المرْأة تملك جسدَها فهي حرَّة فيه، ولا يجوز أن نقيِّدها بلباس معيَّن، ولا يجوز أن نَمنعها من استعمال شهوتِها على طريقة معيَّنة، ولا يجوز أن نَمنعها من العمل في أي عملٍ تُريده، ولا يجوز أن نَمنعها حقَّ الحكم والسياسة، وغير ذلك، ومثله للرَّجل.

بناءً على هذه القاعدة نقول: إنَّ المالِك الحقيقيَّ لكل الأشْياء وللمخلوقات البشريَّة وغيرها وللرجال والنساء هو خالقُهم الَّذي أوجدهم، فهو مالِكُهم، ولو لَم يَخلقهم ويوجدهم لما كانوا ولَما كان لهم تصرُّف، ولما ملكوا شيئًا، فما يملكونه من أنفُسِهم لا يلغي ملكيَّة مَن أوجدهم الذي يقدِر على التصرُّف فيهم، والذي أعطاهم وسخر لهم ما يَملكونه وما يقضون به حوائجهم، والَّذي يقدر على إنْزال البلاء والشدَّة والمرض بهم بِحيث لا يستطيعون الانتِفاع مِمَّا يَملكون ومن أنفُسِهم، والَّذي يقدر على أن يُنْهِي حياتَهم بالموت.

وهم لا يَملكون لأنفسهم موتًا ولا حياة ولا نشورًا، ولا يَملكون لأنفسهم أن يخلقوا لها ما تنتفع به وما تَملكه، ولا يقدِرُون على دفْع الضرِّ عن أنفسهم، فهل لهؤلاءِ المحتاجين إلى خالِقهم أن يتصرَّفوا بأنفُسِهم كما يشاؤون، أم أنَّ خالِقَهم ومالكهم هو صاحبُ الحق في أن يأمُرَهم بأن يتصرَّفوا كما يشاء؟ فما داموا مَملوكين لله، فهو صاحب الحقِّ وهو صاحب الحريَّة في تصرُّفاتِهم، وليْس لهم ما داموا لا يملكون أنفُسَهم ولا يَملكون شيئًا من النِّعم التي سخّرت لهم إلاَّ بعد خلقه وإذنِه، ليس لهم أن يدَّعوا أنَّهم أحرار، يتصرَّفون في ملكِهم، فليْس لهم ملك إلاَّ ما ملَّكهم إيَّاه، وإلاَّ ما سمح لهم بالتصرُّف فيه.

فكما يقولون: إنَّ المرأة حرَّة بما تملك، نحن نقول: إنَّ الله له الحريَّة فيما يملك من الرِّجال والنساء، فلا يَجوز لأحد أن يكون حرًّا في نفسه وهو مَملوك لغيره، وإنَّما حريَّتنا الحقيقيَّة هي ضمن أحكامِه وضمن أوامره، حريَّتنا الحقيقيَّة مقيَّدة بإرادته والخضوع له، حريَّتنا الحقيقيَّة أن نكون عبيدًا له مطيعين، حريَّتنا الحقيقيَّة ألاَّ نخضع لأقوال البشَر الَّذين لا يَملكوننا، فمَن ترك أمر الله وإرادتَه وخضع لتشريعات البشَر، فقد جعل من نفسه عبدًا لِمن هو مثله، وقيَّد نفسه لِمن لا يملكه، فخرج عن حقيقة الحريَّة، أمَّا مَن خضع لِمن يملكه ويخلقه، فهو قد أعطى صاحب الحريَّة حريَّته، ولم يتجاوزْ قدْره.

لأجل كلِّ هذا؛ نبَّهنا الله أنَّه الخالق الآمر: {أَلاَ لَهُ الخَلْقُ وَالأَمْرُ} [الأعراف: 54]، فلا يكون حرية الأمر إلاَّ للخالق، ولأجل هذا نبَّهنا في عدد كبير من الآيات أنَّه هو المالك لنا ولكل شيء في هذا الكون، وربط بين كونِه المالك وبين كونه المشرِّع الحاكم في ملكه؛ فقال سبحانه: {وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ وَإِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَكَانَ اللَّهُ غَنِياًّ حَمِيداً} [النساء: 131]، وقال: {لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 120]، وقال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: 158]، وقال سبحانه: {تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً * الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً * وَاتَّخَذُوا مِن دُونِهِ آلِهَةً لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلاَ يَمْلِكُونَ لأَنفُسِهِمْ ضَراًّ وَلاَ نَفْعاً وَلاَ يَمْلِكُونَ مَوْتاً وَلاَ حَيَاةً وَلاَ نُشُوراً} [الفرقان:1- 3].

وممَّا مرَّ تَجد أنَّ استِعمال القاعدة التي يعطون المرأة بها الحريَّة المزعومة، تهدِم هذا الزعم، وتردُّ الأمر إلى حريَّة الخالق ومشيئتِه، واختياره وإرادته وتشريعه، فالمنطق أن نستسْلِم لأحْكام الله مهْما كانت، وليس لنا حريَّة المناقشة والاعتِراض، خاصَّة وأنَّ الله هو العليم بخلْقِه، الخبير بِما ينفعهم، الحكيم الذي يضع كلَّ شيء في موضعه ويحقِّق مصالح الخلق جميعًا في الدُّنيا والآخرة فيما يشرعه لهم، العدل الَّذي يعطي كلَّ شيء حقَّه، فلا يظلم أحدًا، اللَّطيف الرَّحيم بِخلقه؛ {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الخَبِيرُ} [الملك: 14].

فحينما يفرض الخالق شيئًا على خلْقِه، فلا حريَّة لهم، وإنَّما الحرِّيَّة من وراء العبوديَّة، والخروج عن هذه العبوديَّة هو العبوديَّة لغيره، وليس هو بالحريَّة، والله - تعالى - أخْرجنا جميعًا - إناثًا وذكورًا - من العبوديَّة لأنفُسِنا وشهواتنا وللخلق، أخرجَنا إلى الحريَّة حينما جعَلَنا عبيدًا له لا يَحكمنا إلاَّ هو؛ إذْ هو وحْده الَّذي يستحقُّ أن يحكم على الجميع رجالاً وإناثًا؛ لأنَّهم خلقه وملكه وعبيده.

س3: بعض النساء يطالبْن بالحريَّة المُطْلقة، ويطالبْن بالمساواة التَّامة مع الرِّجال، فهل تروْن إعْطاء الحريَّة التَّامة والمساواة الكاملة يُحقِّق مصلحة المرأة ولا يتناقض مع مصالح المجتمع؟

أوَّلاً: تعلمون أنَّ الديمقراطيَّة والرأسمالية وأنَّ الغرب العلماني يتَّخذون لأنفسهم شعار: "الحريَّة والمساواة والعدل"، فلنسألهم: إذا تعارضت حريَّة الفردِ ومصلحته الشخصيَّةُ الخاصَّة مع حريَّة المجتمع ومصلحته العامَّة، فأيّهما تقدّمون؟ يقولون: نقدم مصلحة المجتمع؛ لأنَّنا من خلال تقديم مصلحته نكون قد قدَّمنا حريَّة عدد أكبر من الأفراد، فهذا أقرب إلى إقامة الحريَّة من أن نعطي الفرد حريَّة تكون على حساب الأمَّة.

نقول: فلماذا جاءت قوانينُكم في شأن المرأة والمال دون غيرِها، خارجة عن هذه القاعدة، فجعلتُم حريَّة المرأة الخاصَّة مقدَّمة لا تقيَّد حتَّى ولو أضرَّت بالمجتمع، وحريَّة التملُّك الفردية مطلقة حتَّى ولو أضرَّت بالمجتمع؟! وقد بدأ ينهار نظامُهم المالي، وظهر خزي فخْرِهم بنظامهم المالي الرِّبَوي، فاضطرُّوا لأن تتدخَّل الدَّولة على حساب الأفراد، وظهرت الخسائِر بالتريليونات على مستوى الدَّولة وعلى مستوى الشعب، خلال أقل من نصف سنة في أمريكا وحْدها، ويُحال إلى البطالة من مصانِعِهم وشركاتِهم مئات الألوف في كلِّ شهر، ونظامهم في حريَّة المرأة ظهر عواره وفساده وأثره السيِّئ عليهم وعلى مجتمعاتِهم، علميًّا واجتماعيًّا، واقتصاديًّا وأخلاقيًّا، وهو سيؤدِّي إلى كارثة هائلة وانْهيار في مجتمعهم، ومع ذلك لا زالوا يُكابِرون، كما لم يعترفوا بأن المَحْق الَّذي أصابهم هو بسبب الرِّبا، وبسبب نظامهم الفاشل المخالف للفطرة والمخالف لأمر الله، {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا} [البقرة: 276].

ونَحن نريد لهم أن يهْتدوا، فإن أبَوا فنُريدهم أن يبقَوا على مكابرتِهم حتَّى يريَهم الله دمارَه لهم بِمخالفتهم فطرتَه وأمْره، وإنَّما نوجِّه خطابَنا للمسلمين، والمؤمن المستسْلِم لأمْر الله يعمل به ولا يتردَّد، ولا يحتاج إلى مثل كلامي، إنَّما أخاطب به هؤلاء ليحملوه إلى مَن وراءهم، وأُخاطب به أبناءنا الَّذين أثَّرت فيهم العلمانيَّة، وانحرفوا عن أمر الله، وظنُّوا أنَّ طريقة الغرب هي أحسنُ للمرأة، في خروجِها ولباسها وزينتها، وتفكيرها وتعليمها وعملها، وفاحشتها وإثارتها للرِّجال وغير ذلك، أُوَجّه كلامي إلى هؤلاء ليعْلموا أنَّهم مَخْدوعون لا يُحْسِنون التَّفكير، يسهل التَّغرير بهم، تقودُهم شهواتُهم لا عقولهم.

ثانيًا: يطالبون بالمساواة، فهل يصح عقلاً المساواة بين غير المتساوين؟! هل يصح أن تحمِّل الطِّفل ما لا يستطيع أن يحمله إلا الكبير بحجَّة المساواة؟! هل يصح أن تحمِّل السيارة العادية ما تحمل الشَّاحنة من الأثقال بحجَّة المساواة؟! أما وقد خلق الله المرأة غير مساوية للرَّجل في خِلْقَتها، فكيف نطلب المساواة في شيئين لم يستوِيا؟! وكيف لا تكون هنا فروق بين هذيْن المختلِفين بقدْر اختلافِهِما؟! ومَن أعلم من الله بِما يَختلفان به، حتَّى يشرع لهم بعدل ما يتساوى مع ما خلقهم عليه؟! ومَن يدري إلاَّ الله - على التَّمام - لماذا خلقهم مختلفين، وماذا يريد أن يُحقق من مصالح لنا بذلك؟!

فهُو الَّذي يَحق له أن يضع من التَّشْريعات ما يتناسب مع المصالح والمقاصِد التي أرادها من هذا الاختلاف، فتشريعاته هي الوحيدة التي يُمكن أن تراعي حقيقة الفوارق؛ لأنَّه هو وحْده صاحب الخلق، وهو وحْده الذي وضع الفروق، وهو وحْده الذي جعل الفروق لتتناسب مع التَّشريعات التي يريدها من كل جنس، فما داما مفترِقَين فلا بدَّ من اختلاف الأحكام بينهما، بل الأحسن أن نقول: إنَّ الله أراد توزيع الأحكام في بعض الأمور بينهما، فخلقهما مختلِفَين ليحصُل هذا التَّوزيع في الأحكام، فيكون على وجْه العدل، فحينما تحمل كل إنسان بحسب طاقته وخِلْقته واستعداده فذلك العدل، فإن سوَّيت بينهما رغم اختلافِهما، فتلك المساواة ليست سليمة ولا مَمدوحة، بل هي مذْمومة وهي عين الظلم، وبهذا ينهار شعار من شعاراتِهم التي يرفعونها، فالمساواة التَّامة بين الجنسين أمر مستحيل وهو ظلم، وإنَّما يسوَّى بينهما فيما استويا به، ولا يستطيع تقدير جوانب التَّساوي والاختلاف أحدٌ أكثر من الله الخالق.

أمَّا الأدلَّة على الاختلاف بين الرَّجُل والمرأة في الخِلقة مما يستدعي الاختلاف في الأحكام: اختلاف شكل الجسم، واختلاف بعض الأعضاء، واختلاف الصَّوت، واختلاف الغُدَد، واختلاف البَشَرة، واختلاف نعومة الجسم، واختلاف القدرة على الحَبَل والولادة، ووجود الحيض، واختلاف قوة الجسم، واختلاف حجم المخ، واختلاف مقدار استعمال العقل والعاطفة بينهما، وغير ذلك كثير، ممَّا هو معروف وثابت علميًّا، فالله - تعالى - ما جعل هذه الاختلافات الخِلْقية والنفسيَّة إلاَّ ليُعْطي أحكامًا مختلفة بين الجنسين في بعض الأمور، لتتناسب مع الوظيفة التي أرادها الله لكلِّ جنس منهما، وليكون لكل واحدٍ منهما دورٌ حياتي مختلِف عن الآخر في بعض الأمور.

نكمل في الجزء الثاني إن شاء الله.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (1/4)
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (2/4)
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (3/4)
  • وقفات مع قضايا المرأة المعاصرة (4/4)
  • المرأةُ بين إنصاف الإسلام وإجحاف الغرب
  • تحرير المرأة
  • المرأة بين ظلم الجاهلية والعدالة الإسلامية
  • المرأة وجيل التحرير
  • حوار شبكة الألوكة مع د. معاذ حوّى حول "المرأة" (2/3)
  • القوامة الشرعية للرجل
  • حوار شبكة الألوكة مع د. معاذ حوّى حول "المرأة" (3/3)
  • طالبة الكلية وصورتها الممزقة
  • المرأة في الإسلام (1)
  • هل خلقت المرأة من ضلع أعوج؟!
  • صورة المرأة في الشعر الإسلامي المعاصر
  • الجندر: المفهوم والحقيقة والغاية
  • اجتماع مغلق للإناث
  • رويدك أنجشة
  • نسج العنكبوت
  • إبطال ثلاث شبه حول مكانة المرأة في الإسلام
  • المرأة المسلمة (1)
  • إليك يا مربية الأجيال
  • إلى من يهمه أمر المرأة
  • المرأة على خط المواجهة!
  • المرأة مالئة الدنيا وشاغلة الناس
  • زواج مشروط!
  • حوار شبكة الألوكة مع الدكتور صالح الرقب
  • المرأة في مختلف العصور
  • مكانة المرأة في الحضارات والديانات والمجتمعات السابقة على الإسلام
  • خديجة بنت خويلد المفترى عليها
  • لقاء شبكة الألوكة مع الدكتورة نهى قاطرجي
  • حوار مع الدكتور ياسر نصر مدرس الأمراض النفسية بجامعة القاهرة
  • حوار شبكة الألوكة مع فضيلة الشيخ داعي الإسلام الشهال

مختارات من الشبكة

  • حوار مع " بول موجز " حول الحوار بين المسيحيين والمسلمين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب ( الحوار - طرفا الحوار)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • محاذير الحوار (متى نتجنب الحوار؟)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الحوار في الدعوة إلى الله (مجالات الحوار الدعوي)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأملات في مركب "حوار الحضارات": أي حوار وأية مقومات؟(مقالة - موقع أ. حنافي جواد)
  • الحوار المفروض والحوار المرفوض(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحوار المفقود (تأملات في الحوار من خلال سورة يوسف PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • نتائج الحوار(مقالة - موقع أ. د. محمد جبر الألفي)
  • مفهوم الحوار لغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الحوار وسيول الجدال(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب